تقييم التهديد المُمَثَّل في الجيش التركي الإلكترونيّ
ماريتا لابالم
9 أبريل/نيسان، 2018
ماريتا لابالم طالبة دراسات عليا في إحدى الجامعات الأمريكية ينصب تركيزها على الإرهاب ومكافحة التطرف العنيف وسياسات الأمن الداخلي والأنشطة الإلكترونية. ويمكن متابعتها على موقع تويتر على حسابها maritalp. ولا يحوي محتوى موقع Divergent Options على معلومات ذات طبيعة رسمية، ولا يمثل محتواه الموقف الرسمي لأي حكومة أو مؤسسة أو جماعة.
تاريخ كتابة المقالة الأصلي: 25 مارس/آذار، 2018
تاريخ نشر المقالة الأصلي: 9 أبريل/نيسان، 2018
موجز: غيرت جماعة القرصنة المتعاطفة مع تركيا "الجيش التركي الإلكتروني" تكتيكاتها من الاستحواذ على مواقع الويب وتشويهها إلى إطلاق حملة تصيد احتيالي على موقع تويتر كادت أن تمس رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.
النص: حاول الجيش التركي الإلكتروني تهديد حساب تويتر الخاص بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في يناير عام 2018 كجزء من هجمة إلكترونية منظمة صاحبت الغزو التركي لسوريا. ولم تُكلل جهود ذاك الجيش بالنجاح، لكنه سيطر على العديد من الحسابات المشهورة، وما زالت الهجمة الإلكترونية جارية منذ شهرين.
ورغم أن الجيش التركي الإلكتروني يزعم أنه ينتسب تاريخيًا إلى مؤسسة أُقيمت في نيوزيلاندا عام 2002، فقد ظهر لأول مرة في سجلات القرصنة في الثاني من أكتوبر عام 2006. ومنذ ذلك الحين، استولت الجماعة على مواقع ويب واهنة التدابير الأمنية في كينيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة[1]. ومنذ صيف عام 2017، غَيَّرَ الجيش التركي الإلكتروني تكتيكاته بحيث أمسى يركز على التصيد الاحتيالي على موقع تويتر، حيث استخدم حساب تويتر المُعرض للخطر لمصدر موثوق لاصطياد هدف وإقناعه بتسليم معلومات تسجيل دخوله[2]. وهم ينجزون ذلك بإرسال رسالة مباشرة إلى حساب مألوف يتحكمون فيه، ويُخبرون الضحايا المنشودة بالضغط على رابط وإدراج معلومات تسجيل دخولهم على صفحة تبدو أشبه ما تكون بموقع تويتر، لكنهم يسجلون في حقيقة الأمر أسماء المستخدمين وكلمات مرورهم.
وفور الولوج إلى حساب الضحية، يبادر القراصنة بسرعة بنشر تغريدات موالية لتركيا، وتحميل تاريخ الرسائل، وشن هجمات تصيد احتيالي جديدة من خلال الحساب الجديد في غضون سويعات. ويزعم الجيش التركي الإلكتروني بتنزيل رسائل الضحايا لأغراض استخباراتية ولإحراج الضحية بفضح رسائلها على الملأ[3]. ومن الغريب أن الجيش لم يُعلن بعد عن الرسائل الخاصة التي حصل عليها رغم تهديده بذلك. ويشتهر الجيش الإلكتروني بمستوى تعقيده البدائي بالمقارنة بقراصنة دوليين أمثال فانسي بير، والطريقة التي يبثون بها كل عملية قرصنة يقومون بها.
إن أول ضحية موثقة لعملية عام 2018 هو سيد أكبر الدين المندوب الهندي الدائم لدى الأمم المتحدة. قبل الهجوم على أكبر الدين، من المرجح أن القراصنة استهدفوا حسابات كردية بالطريقة نفسها[4]. ومنذ تلك الهجمات المبدئية، دنا الجيش التركي الإلكتروني بشكل ممنهج من حسابات يتبعها الرئيس الأمريكي ترامب، واستطاع حتى إرسال رسالة مباشرة له على تويتر[5]. وفي يناير 2018، تصيد الجيش العديد من حسابات شخصيات غربية بارزة أمثال المذيعة والمُعلقة غريتا فان سوستيرن ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورغ برينده. وصادف أن كانت غريتا وإيريك بولينغ، ضحية أخرى من ضحايا الجيش، اثنين من الحسابات الخمس وأربعين التي يتابعها الرئيس ترامب. ومن حسابيْ إيريك وغريتا، استطاع القراصنة إرسال رسائل إلى ترامب. وبعدها بشهرين، واصل الجيش التركي الإلكتروني هجماته على تويتر، لكنه الآن يركز على الحسابات الهندية في المقام الأول.
واستولى الجيش التركي الإلكتروني على حساب شركة طيران الهند على تويتر في 15 مارس/آذار، 2018. ومع ذلك، لم تتجلَ تبعات هجمات الجيش الغربية بعد: ففي الثالث والعشرين من مارس/آذار عام 2018، غَرَّدَ مدير المحتوى في شركة Time, Inc. ورئيس شركة فورتشن آلان موراي بقولهما: "لقد أٌقصيت من حسابي على تويتر لشهر كامل بعد أن تعرضت للقرصنة على يد الجيش التركي الإلكتروني ...". وفي تلك الأثناء، يتمتع الجيش التركي الإلكتروني بحضور واسع وصاخب على تويتر، في ظل تقنين محدود جدًا إذا ما نظرنا إلى أنه يعمل كمنظمة إجرامية صراحةً على هذه المنصة.
وكان حساب الرئيس ترامب على تويتر أيضًا هدفًا للجيش التركي الإلكتروني. فهو ليس بالحساب السري الذي لا يعرفه إلا قليلون. فاسم حساب الرئيس ترامب معروف للعامة، وكلمة مروره هو كل ما يحتاج إليه المرء للنشر من حسابه، اللهم إلا إذا كان يستخدم توثيقًا ثنائي العامل لحسابه. ويستخدم ترامب حسابه للتعبير عن آراءه الشخصية، وبما إن بعض تغريداته لها قيمة صادمة عالية، فإن أي رسالة زائفة من حسابه يُراد لها أن تغرس بذور الشقاق ربما لن يتسلل إليها الشك. ومن المنصف افتراض أن هناك الكثير من الجماعات التي حاولت الاستحواذ على حساب الرئيس ترامب بواسطة برنامج لفك شفرة كلمات المرور بلا هوادة منذ تنصيبه رئيسًا. وإنها مسألة وقت فقط قبل أن يتمكن جهاز استخبارات أجنبي أو غير ذلك من الأطراف المهتمة من الولوج إلى الرسائل المباشرة للرئيس ترامب، وإصدار بيانات استفزازية من حسابه يمكن أن تُهدد القطاع المالي أو الأمن القومي، ومن ثم الولوج إلى معلومات أكثر حساسية. ورغم أن الجيش التركي الإلكتروني يفضح تطفله على الحسابات المعرضة للخطر، فثمة فرق قراصنة أكثر تطورًا يمكن أن تلج وتخرج دون كلمة واحدة، وربما فعلت ذلك بالفعل. إن أخطر القراصنة على الإطلاق يؤكدون أن الولوج ليوم واحد مفيد وغير متوقع.
ورغم أنه ما من مؤشرات تدل على أن هذه الجماعة منظمة حكومية تركية، فهي إما مؤيدة للحكومة الحالية وإما تعمل لحسابها. فقد زعم المراسل الصحافي جوزيف كوكس وتقرير شركة ماكافي للحلول الأمنية أن الجماعة تستخدم شفرة تركية[6]. ويتمتع حوالي مائة حساب حقيقي أو آلية بمُعَرِّف ما للجيش التركي الإلكتروني، ولا يبدو أن شركة تويتر تحظر أي منها. ومما يثير الانتباه خلال تاريخ تلك الجماعة الهجمات التي شنتها على نائب حزب الشعب الجمهوري التركي (CHP) إيرين إيرديم، فاضحةً علاقاته بفتح الله كولن، ومحاولات عاميْ 2016 و2017 لتصيد نشطاء أكراد[7]. جرت العمليات الحالية للجيش التركي الإلكتروني عشية الاضطرابات التركية السياسية العاصفة، حيث كان من الممكن أن تطيح الأحداث الجارية في سوريا بمشوار الرئيس رجب طيب أردوغان المهني لو تأزمت. إن تركيا لم تغزُ سوريا بغية الهجوم فقط على قوات حليفتها بحلف شمال الأطلسي المُدربة الولايات المتحدة، بل إن النواب الأتراك مُنِعوا من التظاهر في بقاع من الاتحاد الأوروبي، وربما واجهت البنوك التركية غرامة مقدارها عدة مليارات من الدولارات بفضل قضية رجل الأعمال رضا ضراب[8]. وفي تلك الأثناء، بدا أن المتمردين الإسلاميين والأكراد أكثر جرأة داخل الدولة[9]. إن تركيا من الممكن أن تخسر الكثير، ومن المتوقع أن تُشن هجمة إلكترونية، ولو كانت غير متطورة، تستهدف أهدافًا رفيعة المستوى، في الوقت الذي تبدو فيه الولايات المتحدة مترددة بشأن الجهة التي يتعين عليها دعمها؛ قواتها التي تعمل بالوكالة أم حليفها في حلف شمال الأطلسي. وفي النهاية، بذلت الولايات المتحدة جهودًا للتصالح دبلوماسيًا مع تركيا منذ يناير الماضي، وحفظت تركيا ماء وجهها.
تعليقات ختامية
[1] Ayyildiz Tim. (n.d.). Retrieved January 24, 2018, from https://ayyildiz.org/; Turks ‘cyber-leger’ kaapt Nederlandse websites . (2006, October 2). Retrieved January 24, 2018, from https://www.nrc.nl/nieuws/2006/10/02/turks-cyber-leger-kaapt-nederlandse-websites--a-; Terry, N. (2013, August 12). Asbury park’s website taken over by hackers.McClatchy – Tribune Business News; Ministry of transport website hacked. (2014, March 5). AllAfrica.Com.
[2] Turkish hackers target Sevan Nishanyan’s Twitter account. (2017, July 28). Armenpress News Agency.
[3] Beek, C., & Samani, R. (2018, January 24). Twitter Accounts of US Media Under Attack by Large Campaign. Retrieved January 24, 2018, from https://securingtomorrow.mcafee.com/mcafee-labs/twitter-accounts-of-us-media-under-attack-by-large-campaign/.
[4] #EfrinNotAlone. (2018, January 17). “News that people @realDonaldTrump followers have been hacked by Turkish cyber army. TCA made an appearance a few days ago sending virus/clickey links to foreigners and my Kurdish/friends. The journalist who have had their accounts hacked in US have clicked the link.” [Tweet]. https://twitter.com/la_Caki__/status/-.
[5] Herreria, C. (2018, January 17). Hackers DM’d Donald Trump With Former Fox News Hosts’ Twitter Accounts. Retrieved March 25, 2018, from https://www.huffingtonpost.com/entry/eric-bolling-greta-van-susteren-twitter-hacked_us_5a5eb17de4b096ecfca88729
[6] Beek, C., & Samani, R. (2018, January 24). Twitter Accounts of US Media Under Attack by Large Campaign. Retrieved January 24, 2018, from https://securingtomorrow.mcafee.com/mcafee-labs/twitter-accounts-of-us-media-under-attack-by-large-campaign/; Joseph Cox. (2018, January 23). “Interestingly, the code of the phishing page is in… Turkish. “Hesabın var mı?”, or “Do you have an account?”.” [Tweet]. https://twitter.com/josephfcox/status/-.
[7] Ayyıldız Tim FETÖnün CHP bağlantısını deşifre etti. (2016, August 27). Retrieved January 24, 2018, from http://www.ensonhaber.com/ayyildiz-tim-fetonun-chp-baglantisini-desifre-etti-.html; Turks ‘cyber-leger’ kaapt Nederlandse websites . (2006, October 2). Retrieved January 24, 2018, from https://www.nrc.nl/nieuws/2006/10/02/turks-cyber-leger-kaapt-nederlandse-websites--a-.
[8] Turkey-backed FSA entered Afrin, Turkey shelling targets. (2018, January 21). BBC Monitoring Newsfile; Turkey blasts Germany, Netherlands for campaign bans. (2017, March 5). BBC Monitoring European; Zaman, A. (2017, December 07). Turkey probes US prosecutor in Zarrab trial twist. Retrieved January 24, 2018, from https://www.al-monitor.com/pulse/originals/2017/11/turkey-probes-reza-zarrab-investigators.html.
[9] Moore, J. (2017, December 28). Hundreds of ISIS fighters are hiding in Turkey, increasing fears of attacks in Europe. Retrieved January 24, 2018, from http://www.newsweek.com/hundreds-isis-fighters-are-hiding-turkey-increasing-fears-europe-attacks-759877; Mandıracı, B. (2017, July 20). Turkey’s PKK Conflict Kills almost 3,000 in Two Years. Retrieved January 24, 2018, from https://www.crisisgroup.org/europe-central-asia/western-europemediterranean/turkey/turkeys-pkk-conflict-kills-almost-3000-two-years.
المصدر